منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري - الدورة الرابعة عشر

منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دورته الرابعة عشرة،

عقد منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دورته الرابعة عشرة، في الرياض، وجرى بث فعاليات المنتدى عبر الاتصال المرئي، بعنوان: «تداعيات كورونا على الاقتصاد السعودي والعالمي»، وذلك يوم الثلاثاء ٢٤ ربيع الأول ١٤٤٢هـ (١٠ نوفمبر ٢٠٢٠م)، وشهدت منصة الاتصال المرئي حضوراً لافتًا من الاقتصاديين والمهتمين من داخل المملكة العربية والسعودية وعديد من دول العالم، وهي الميزة التي أتاحتها تقنية عقد المنتدى عبر الاتصال المرئي.

افتُتح المنتدى بكلمة ألقاها الأستاذ سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري المدير العام لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي، رحّب فيها بالمشاركين في الندوة، والجمهور الذي يتابعها من خلال البث الرقمي، لأول مرة في تاريخ المنتدى.

وقال إن الخبراء الاقتصاديين المشاركين بندوة المنتدى سيناقشون عدة محاور تتناول تداعيات كورونا على الاقتصاد السعودي من حيث معدلات النمو في مختلف القطاعات، والتأثيرات على المشاريع التنموية الكبرى وسياسات الدولة لمواجهة الجائحة، والتأثير الهيكلي على الاقتصاد لناحية نماذج العمل لمرحلة ما بعد كورونا، والأنشطة الاقتصادية، والتداعيات على الاقتصاد العالمي وأسواق النفط؛ راجياً أن يكون النقاش علميا ومفيدا، بالنظر لما يتمتع به فرسان هذه الندوة من خبرات اقتصادية وأكاديمية في المحاور المطروحة للنقاش.

وأشار إلى أن العادة جرت أن تعقد دورات هذا المنتدى بالتناوب سنويا بين دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بمحافظة الغاط، لكن نظراً لظروف الاحتياطات اللازمة جراء انتشار جائحة كورونا، فقد ارتأت إدارة المركز عقد هذه الدورة من خلال الاتصال المرئي، ودعا الله أن تزول الجائحة عن العالم أجمع، لتعود الحياة إلى طبيعتها، وتعود الأنشطة الثقافية الوجاهية إلى سابق عهدها.

وأشار السديري إلى أن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي يضم أربع مكتبات عامَّة في الجوفِ والغاطِ، ولديه برنامَجٌ للنشرِ ودعمِ الأبحاثِ، ودوريتان هما مجلة أدوماتو المتخصصة بالدراسات الآثارية، ومجلة الجوبة الثقافية، ويقيم المركز مناشِطَ منبرية، وملتقياتٍ دورية، ومسابقاتٍ ثقافية متنوّعة، ودعا إلى زيارة الموقع الإلكتروني للمركز للتعرُّفِ على أعماله وأنشطته الثقافية.

ندوة المنتدى

المتحدثون:

د. رجا المرزوقي، أستاذ اقتصاد بمعهد سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية؛
أ. عبدالعزيز الرشيد، مساعد وزير المالية للشؤون المالية الدولية؛
د. خالد الراجحي، خبير اقتصادي؛
أ. جواهر زياد السديري، مدير مركز النهضة للأبحاث، جمعية النهضة؛
د. أنس الحاج، خبير في مجال الطاقة وأسواق النفط.

أدار الندوة: د. عبدالواحد بن خالد الحميد
بعد ذلك بدأت الندوة بكلمة للدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد، فقال إن الاقتصاد العالمي كله، ومنه الاقتصاد السعودي، واجه ظروفا صعبة خلال جائحة كورونا التي اجتاحت العالم كله، منذ ظهور الفيروس في الصين في شهر ديسمبر ٢٠١٩م، وفي المملكة العربية السعودية مع بداية شهر مارس ٢٠٢٠م، وقد عايشنا جميعا التأثيرات التي حدثت، سواء على الصعيد الشخصي لكل فرد، أم على الصعيد الوطني بوجه عام. وإسهاما من مركز عبدالرحمن السديري الثقافي في مناقشة الموضوعات المستجدة على الساحة الوطنية، فقد ارتأت هيئة منتدى الأمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية أن يكون موضوع الدورة الحالية للمنتدى هو تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد السعودي والعالمي. وقال الدكتور الحميد إن ثلة من الاقتصاديين المتخصصين، سيناقشون المحاور الخمسة للمنتدى.

وأشار د. الحميد إلى أن من محاسن الصُدَف، أن يعقد هذا المنتدى في الوقت الذي أعلنت في أكثر من شركة طبية عن اكتشاف لقاح لفيروس كورونا، ونرجو أن يكون فاتحة تحوّل في انحسار هذه الجائحة؛ وفي المقابل، بدأت الأخبار تتحدث عن موجة ثانية من فيروس كورونا أخذت تنتشر في بعض دول العالم.

وبعد ذلك قدّم الدكتور الحميد نبذة عن السيرة الذاتية الخاصة بالمتحدث الأول في هذه الندوة، الدكتور رجا المرزوقي، أستاذ الاقتصاد بمعهد سعود الفيصل للدراسات السعودية. وقال إنه سيتحدث عن تداعيات كورونا على الاقتصاد السعودي من حيث معدلات النمو في مختلف القطاعات، وبخاصة الأنشطة الأكثر تأثراً والتأثير على المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

المحور الأول
تداعيات كورونا على الاقتصاد السعودي من حيث معدلات النمو في مختلف القطاعات، وبخاصة الأنشطة الأكثر تأثراً والتأثير على المنشآت الصغيرة والمتوسطة
أ. د. رجا المرزوقي
(أستاذ الاقتصاد في معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية) v تساءل د. المرزوقي في بداية حديثه قائلا: ما هو واقعنا الاقتصادي في المملكة العربية السعودية قبل كورونا؟ وأضاف إن اقتصاد المملكة يتأثر بأسعار النفط العالمية، فالمحرك الأساس للإنفاق الحكومي من خلال استخدام إيرادات النفط. وخلال الفترة من عام ٢٠١٧-٢٠١٩م تأثرت إيرادات المملكة من النفط بالانخفاض الذي حدث للأسعار. ثم جاءت جائحة كورونا فأدت إلى أزمة عالمية مختلفة عن الأزمات السابقة التي كانت أزمات مالية وحسب؛ بينما جاءت أزمة كورونا لتجمّد الاقتصاد العالمي، ونحن في المملكة جزء من الاقتصاد العالمي ونتأثر به سلبا وإيجاباً؛ إذ أوقفت أغلب الخدمات للحد من انتشار الفيروس، ما أدى إلى تعطل جانب الطلب في الاقتصاد وتقلص الاستهلاك؛ فانخفضت أسعار النفط بشكل كبير جدا (من مستوى ٦٠ دولارا للبرميل إلى ٢٠ دولاراً) وهذا الانخفاض كان له تأثير كبير على الاقتصاد السعودي، بالنظر إلى تأثر الإنفاق الحكومي بإيرادات النفط.
وأضاف الدكتور المرزوقي إنه من الطبيعي أن يتأثر القطاع غير النفطي بالقطاع النفطي، ثم جاءت الإغلاقات على المشاريع الحيوية في الحياة اليومية المحلية والعالمية لتقليل التجمعات والحدِّ من انتشار الفيروس، فتعطلت الحركة الاقتصادية، وانخفض استهلاك النفط بشكل كبير، وكان أثر ذلك شديدا على القطاعات الاقتصادية وبخاصة المنشآت المتوسطة والصغيرة التي تمتاز بأن نسبتها في العائدات بحدود ٢٨٪ بينما نسبتها في مجال التوظيف تصل إلى ٤٠٪ (نسبة السعوديين فيها تصل إلى ٢٥٪). وقد لجأت المنشآت المتوسطة والصغيرة إلى تخفيض خسائرها؛ فانخفضت أعداد الأيدي العاملة فيها بشكل أكبر من المنشآت الكبيرة التي تمتاز بقدرتها على مواجهة مثل هذه الحالات الطارئة. وفي المملكة حالياً نحو ٥٧١.٠٠٠ منشأة صغيرة ومتوسطة بينما يصل عدد المنشآت الكبيرة إلى ٣.٣٠٠ منشأة. وتبلغ نسبة المنشآت العاملة في مجال التجزئة إلى نحو ٤٥-٥٠٪ من المنشآت المتوسطة والصغيرة، وأعمال هذه المنشآت يمتاز بأنه يجري بشكل يومي ومباشر مع المستهلك، فكان تأثرها نتيجة الجائحة واضحا، وقدرتها على التحوّل إلى الجانب الرقمي محدودة. بخلاف الشركات الكبيرة التي تملك قدرات أكبر على التحوّل التقني، فكان تأثرها أقل؛ وبخاصة أن نحو ٦٠٪ من العمالة في القطاع الخاص هي عمالة غير ماهرة، فعندما يتجه الشباب إلى العمل الحر فهم يملكون مهارات ويستطيعون تحقيق دخل أعلى، وهذا يعيد توزيع الدخل بشكل أمثل. وأضاف أن توجيه الشباب للعمل من خلال التجارة بدلا من أن يكون موظفا، يقلل من مخاطر احتكار القلة.
وأشار المرزوقي إلى أن من فوائد أزمة كورونا هو التحوّل التقني لكثير من الأعمال، مما انعكس إيجابيا على رفع كفاءة تلك الأعمال، إذ إن التباعد والإجراءات الاحترازية ستؤثر بالتأكيد على الإنتاجية، وبخاصة في المشاريع ذات العمالة الأكبر.
وقال د. المرزوقي إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا تحصل إلا على نحو ٧٪ من التمويل في المملكة، وهي نسبة ضئيلة، حتى إن أوضاع بعض تلك المنشآت يحتاج إلى دراسة أكثر دقة لمعالجتها والرفع من مستواها.

المحور الثاني
تداعيات كورونا من حيث التأثير على إيرادات الدولة والإنفاق الحكومي والمشاريع التنموية الكبرى وسياسات الدولة لمواجهة الجائحة الأستاذ عبدالعزيز بن متعب الرشيد (مساعد وزير المالية للشؤون المالية الدولية والسياسات الكلية)
أشار د. عبدالواحد الحميد إلى أن الحكومة اعتمدت بعض الحزم التحفيزية، نتيجة انخفاض أسعار النفط، فكانت هناك إجراءات تقشفية، ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة، وتم تأجيل بعض المشاريع القائمة. وسيتحدث الأستاذ عبدالعزيز بن متعب الرشيد مساعد وزير المالية للشؤون المالية الدولية والسياسة الكلية، عن ذلك.
بدأ الأستاذ عبدالعزيز الرشيد بقوله: إننا إذا نظرنا إلى الاقتصاد السعودي في المنظور الكلي فهو قائم على العائدات النفطية بالدرجة الأولى، وهي التي تموّل الإنفاق الحكومي، الذي يُعَدُّ المحرك لباقي جوانب الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أنه مع إطلاق رؤية المملكة ٢٠٣٠ فقد كان أحد أهدافها هو التنويع الاقتصادي، بهدف التقليل من اعتماد الاقتصاد الوطني على العائدات النفطية؛ وذلك من طريقين الأول هو تنويع الدخل الوطني بشكل عام، إلى ما يدخل عليه من خارج نطاق الاقتصاد الوطني، والثاني هو تنويع الإيرادات لتمكين الحكومة للقيام بالتخطيط المالي دون ضغوط التقلبات في أسعار النفط وإيراداته. وقد بدأ هذا التوجه منذ عام ٢٠١٦م؛ ولكن الالتزام والتخطيط وإيجاد آليات التنفيذ هي الفارق بين جهودنا ما بعد ذلك العام عن الجهود السابقة، ومن المعلوم أن خطط التنمية الخمسية في المملكة بدأت منذ العام ١٩٧٠م. وقال الأستاذ الرشيد إن هذا النوع من الاقتصاد يجعله عرضة للأزمات التي تتعلق بأسعار النفط. ومنذ العام ٢٠١٦م وحتى اليوم قامت الحكومة بإصلاحات كبيرة، فيما بتعلق بالسياسة المالية العامة، التي هدفت إلى تنويع الإيرادات الحكومية من جهة، ومن جهة أخرى رفع مستوى الكفاءة في الإنفاق الحكومي، مهما كان نوع الإنفاق ومقداره.
وقد جاءت أزمة كورونا أثناء مرحلة تنفيذ بعض تلك الإجراءات الإصلاحية، وكانت الحكومة أمام خيارين؛ إما أن تضاعف إنفاقها مراعاة منها لجانب النمو في الاقتصاد غير النفطي وهو خيار على المدى المتوسط الطويل غير مستدام، لأن الاستمرار فيه مستحيل، فبمجرد أن يتراجع الإنفاق الحكومي أو يتوقف عند حد معين، فإن معدل النمو سيتأثر؛ وبالتالي فإن الموازنة بين النمو الاقتصادي وتحقيق الاستدامة المالية أمر بالغ الأهمية، ويجب التعامل معه بدرجة عالية من الدقة لضمان تحقيق التوازن بينهما.
وهنا، تساءل مدير الندوة الدكتور عبدالواحد الحميد بشأن الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد الوطني في إطار رؤية المملكة ٢٠٣٠، وتزامنها مع هذا الظرف غير العادي الذي يشهد انحساراً اقتصادياً عالمياً.
وأجاب الأستاذ عبدالعزيز الرشيد، إنه بالنسبة لسؤال د. عبدالواحد، فمنذ بدأت أزمة كورونا كان الاقتصاد الوطني قد شهد بداية تأثير الإصلاحات والجهود المبذولة، في تحقيق الرؤيا وفي الاستثمارات، وكنا نشهد بدايات ثمار هذه الجهود والاستثمارات إلا إن أزمة كورونا أثرت على دفعها نحو الامام، وعلى مستوى النمو، لكن بفضل الله كنا في أتم الاستعداد للتعامل مع هذه الأزمة. ومع ذلك اضطرت الحكومة في بداية الأزمة لعمل مراجعة سريعة لخطتها فيما يتعلق بالمالية العامة لعام ٢٠٢٠م، وكان ذلك مبينا على القراءة التي كانت سائدة وهي أن الرؤية لمسار جائحة كورونا كانت غير واضحة المعالم، وكان هناك تحسب لأوضاع غير مريحة للاقتصاد، فاتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان الاستدامة المالية وضمان قيام الحكومة بواجباتها والاستمرار في مشاريعها التنموية المتعلقة بالرؤية. فكان هناك زيادة في الإنفاق في بعض القطاعات لمواجهة الأزمة مثل القطاع الصحي لتهيئته لمواجهة التأثيرات المتوقعة في حالة انتشار الفيروس، وفي الوقت نفسه كان هناك وقف لبعض الأنشطة بسبب حظر التنقل وبالتالي حصل إعادة توجيه ضخمة جدا في المسارات التي توقفت بسبب الحظر وتقييد الحركة والتنقل، والأنشطة الاقتصادية إلى المسارات التي تتطلب إنفاقا أكبر.
وأضاف الأستاذ الرشيد إلى أن الحكومة استشعرت ضرورة دعم القطاع الخاص قدر المستطاع، لتمكينه من تجاوز الأزمة بأقل الأضرار، فجاءت الحزم الاقتصادية على صنفين: الأول، من خلال المالية العامة ومعظمها يتعلق بتأجيل بعض الضرائب والرسوم، وتأجيل تحصيل الزكاة، وضريبة الدخل على المستثمرين الأجانب ليتمكنوا من خلال السيولة المتاحة لديهم من الاستمرار في الإنفاق على أنشطتهم الاقتصادية؛ لأن إيراداتهم تأثرت كثيرا. وكانت هناك مسارات أخرى، منها منح سيولة في القطاع المصرفي لتمكينه من تقديم الإقراض لمنشآت القطاع الخاص الاقتصادية.
وكان هناك توقع بزيادة العجز عن المخطط له في ميزانية ٢٠٢٠م وهو ما كان لا بد من معالجته، فقامت الحكومة بإجراءات منها التوسع في الاقتراض لتغطية العجز في الميزانية. وبشكل إجمالي، فإن الإنفاق الحكومي المخطط له كان بحدود ترليون و١٢٠ مليار ريال، لكن صار من المتوقع أن يصل الإنفاق الفعلي في نهاية عام ٢٠٢٠م، ١٦٤ ملياراً، أي بزيادة نحو ٤٤ ملياراً عما هو مخطط له مسبقاً؛ وبناء عليه، يرتفع العجز من ١٨٧ ملياراً حسب المخطط، إلى ٣٩٨ مليار ريال، حسب الإنفاق الفعلي.
وقال الأستاذ الرشيد، إن آثار كورونا الاقتصادية والمالية ضربت العالم كله كالعاصفة، لكن الفارق كان في تأثر الدول بها، فهناك دول استقبلت الأزمة ولديها مساحة واسعة جدا من الإمكانات المتاحة لزيادة الإنفاق الداخلي، دون أن يؤثر ذلك على استدامتها المالية، وهناك دول لم تجد مَن يموّلها لتوفير متطلبات مواطنيها خلال الجائحة، وذلك وفق ظروف اقتصاد كل دولة وطبيعته. أما المملكة، فبفضل الله، فقد تمكنت من تمويل العجز الكبير الذي حصل نتيجة الجائحة وحافظت على التصنيف الائتماني لها.
وأكد الأستاذ عبدالعزيز الرشيد أنه على الرغم من أن توقعات صندوق النقد الدولي تجاه الاقتصاد العالمي عموما كانت متشائمة، وذلك بحصول انكماش في اقتصاد المملكة بمعدل ٧.٢٪ في نهاية عام ٢٠٢٠م، إلا إن الصندوق عدّل توقعاته في شهر أكتوبر لتصبح ٤.٢٪، لكن في البيان التمهيدي المعلن من وزارة المالية توقعت الوزارة ألّا يتجاوز الانكماش ٣.٨٪، وفي النتيجة التي تحققت فعلياً توقفت النسبة عند مستوى ٣.٢٪.

المحور الثالث
التأثير الهيكلي على الاقتصاد لناحية نماذج العمل لمرحلة ما بعد كورونا، والأنشطة الاقتصادية التي من المتوقع أن تبرز وتلك التي يمكن أن تندثر ومدى تأثر برامج رؤية 2030 في ظل التغيرات الهيكلية للاقتصاد السعودي والعالمي د. خالد الراجحي
(نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة الراجحي القابضة) في بداية حديثه، قال د. خالد الراجحي إن التغيّر هو الثابت الوحيد في مجال اقتصاد الأعمال، وهو جزء دائم فيها، والمنشآت الاقتصادية عادة لديها استعدادات وتجهيزات لهذا التغير؛ لكن عندما يأتي التغير بهذا الحجم وهذا التسارع، وبالقوة التي شهدناها بفعل جائحة كورونا، فإنه التحدّي! ومن ثَمَّ كان التأثير قوياً جداً؛ ورغم ذلك فليس كل القطاعات قد تأثرت سلبيا، بل هناك قطاعات استفادت بشكل كبير من هذه الجائحة! مثل قطاع التقنية، وخدمات التوصيل داخل المدن. ومن القطاعات التي تضررت بشكل كبير: قطاع التشييد والبناء الذي كاد أن يصل إلى التوقف التام! وعانت المؤسسات الاقتصادية كثيرا من تدني السيولة بسبب الإقفالات.
وعلّق د. عبدالواحد قائلاً إن الأمر العجيب في هذا الجنون الكوروني -كما يسميه بعضهم- أنه تسبّب بآثار متناقضة ومفاجئة؛ فهناك شركات تضررت وأخرى استفادت، وبمجرد الإعلان عن اكتشاف لقاح فايزر فإن أسهم شركات التقنية هبطت! فالحرية الاقتصادية تقضي أن البقاء للأصلح، إنه مشهد مثير! لكن التغير بوجه عام، حصل ولن تعود الأوضاع بعد الجائحة إلى الحالة التي كانت عليها قبلها.
قال د. خالد الراجحي اتفقنا جميعاً -المتضرر والمستفيد- أن التغير حصل وأنه سيستمر، ومن المؤكد أن ما بعد هذه الجائحة لن يعود إلى الوضع السابق الذي كان قبلها. ومَن تعامل مع هذه المعلومة بشكل جيد، فقد نجح، وهناك مَن ظن أن الواجب الانتظار، وأن الأوضاع ستعود، فمَن يفكر بهذه الطريقة، أرى أنه سيخسر الرهان! ومع كل المعلومات المتاحة، فإننا ما نزال نجهل ما هو القادم، على مستوى العالم كله. فالأسئلة لدى المستفيد وغير المستفيد ما تزال مربكة جداً؛ فكلاهما لا يعلم ما هي الخطوة المقبلة المناسبة له. إننا نحاول استقراء ما يمكن أن يحدث؛ أولاً نتفق أن هناك تغير، ثانياً، من المهم أن نعرف أن التحدي القادم سيكون في مقدار التكلفة؛ فمن لا يستطيع أن يُحَسِّن الإنتاجية ويقلل من تكلفته، فإنه لن يتمكن من الاستمرار.
ويرى الدكتور الراجحي أن الاندماج بين الشركات المتنافسة في المجال نفسه، سيصبح ضرورة؛ مثل البنوك والشركات الكبيرة المماثلة، لأن توقف الشركات الكبيرة سيكون له تأثيرات سلبية على الاقتصاد؛ فتشجيع الاندماجات سيقلل التكلفة ويُحسّن الإنتاجية لهذه الشركات المندمجة.
د. عبدالواحد: لكن هناك مَن يقول إن ذلك سيخلق كيانات احتكارية.
د. الراجحي: لكن الاستمرار لتلك الكيانات بشكل منفرد، سيركز الخسارة.
وأكد د. الراجحي أن إنفاق الفرد سينخفض حتماً، فالترشيد سيرتفع، وسيكون التركيز على استهلاك السلع الضرورية للأسرة دون الكماليات. كما أن العمل عن بُعد أنتج فرصا جديدة للأمهات العاملات؛ إذ قلّل من الحاجة إلى الحضانات، وهذا سيرفع إنتاجية الأمهات العاملات.
وقال د. الراجحي لقد ظهرت بعض البدائل الذكية؛ إذ صارت الحاجة للعمل بشكل مختلف وتحد كبير، فيجب علينا جميعا حكومة ومنظمات أهلية أن ندرس كل قطاع على حدة، فالأمور الشمولية لا يمكن أن تبقى بالطريقة نفسها التي كانت سائدة سابقاً؛ فلكل قطاع احتياجاته وميزانيته، ويمكن معالجته بشكل مختلف عن غيره. لذا يجب أن نبتعد عن الحلول الشمولية، بل نركز على الحلول الخاصة بكل قطاع على حدة، وفق خصائصه ومتطلباته.
الأمر الآخر أن قطاع التجزئة في المملكة كان يعول عليه كثيرا في التوطين، لأن عدد فرص العمل فيه كبير جدا، لكن الآن يتوقع أننا سنكون أمام تحد كبير بالنظر لما طرأ على هذا القطاع من تأثرات جراء الجائحة. ينبغي أن يكون هناك تحرك حتى لا نكتشف أن الناس سيشترون احتياجاتهم بشكل مباشر من أمازون مثلا، لأن ذلك سيؤدي مع الأيام لتضرر أعمال المنشآت الصغيرة وقد تتوقف.

المحور الرابع
التداعيات الاجتماعية/الاقتصادية لكورونا من حيث تأثيرها على الشرائح الاجتماعية ذات الدخل المنخفض ومعدلات البطالة وتغيرات سوق العمل أ. جواهر بنت زياد السديري
( مدير مركز الأبحاث بجمعية النهضة) د. عبدالواحد: هناك حديث أن أزمة كورونا جعلت الفقراء أكثر فقراً والأغنياء أكثر غنىً، وذلك على المستوى العالمي؛ فهناك تداخل بين الجوانب الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام في المجتمع، وجائحة كورونا كان لها تأثيرات اجتماعية إلى جانب تأثيرها الاقتصادي الكبير وبخاصة على الشرائح الفقيرة التي كانت أكثر تأثرا ومعاناة. وهناك جهات تدرس ذلك، ومنها جمعية النهضة. ولدينا فرصة في المملكة أن نقضي على الاختلالات الهيكلية. ستتناول المحور الرابع في هذا المنتدى أ. جواهر بنت زياد السديري.
قالت أ. جواهر: بالتأكيد إن تأثيرات جائحة كورونا قد مسّتَ الجميع؛ وكان تأثيرها على الأسر ذات الدخل المحدود كبيراً. وبما أن جمعية النهضة منذ تأسيها تسعى إلى دعم الأسر ذات الدخل المحدود، وتعمل على تنفيذ برامج لتمكين المرأة للمشاركة الاقتصادية في المجتمع؛ فقد ارتأت القيام بدراسات تهدف إلى قياس الأثر للجائحة، ودراسة أوضاع الأسر المستفيدة من خدمات الجمعية في المملكة، وهناك دراسات تهتم بسوق العمل، والتعليم عن بُعد.
وذكرت السديري أن جمعية النهضة سعت في دراساتها لأوضاع الأسر ذات الدخل المحدود لمعرفة كيفية التدخل لمساعدتها، وما هي الفرص المتاحة التي يمكن من خلالها تقديم المساعدة المناسبة لهذه الأسر وفق احتياجاتها. فهناك أسر يكون المعيل الرئيس فيها هو المرأة، وقد وجدنا أن ٧٠٪ من تلك الأسر يكون فيها شخص واحد يعمل، لكن بعد كورونا فإن نحو ٤٠٪ منهم فقدوا أعمالهم، ما أثر على الأوضاع الاقتصادية لتلك الأسر، فاضطر الكثير منها للإنفاق من مدخراتها أو اللجوء إلى الاقتراض وطلب المساعدات، مما دعا الجمعية للتعامل مع تلك الاحتياجات بشكل سريع.
وأشارت السديري إلى حدوث بعض الضغوط الأسرية بسبب العمل من البيت ووجود الأطفال طوال الوقت بسبب إغلاق المدارس وانتقال الدراسة لتكون عن بُعد؛ فزاد ذلك من مسؤوليات أرباب الأسر. كما حصل هناك توتر في العلاقة بين الرجل والمرأة داخل البيت بسبب الجلوس في المنزل طوال الوقت دون عمل، وارتفعت بعض حالات العنف الأسري؛ لكن، في المقابل، هناك أسر استفادت من الحجر المنزلي في زيادة الترابط بين أفرادها. ونظرا لكون المرأة العاملة صارت تعمل من البيت فقد خفّف ذلك عليها من ضغوط العمل، لكنه زاد من ضغوط الأسرة، فحدث أحيانا عدم القدرة على التوفيق بين تلك المسؤوليات بين متطلبات العمل واحتياجات الأطفال داخل البيت.
وقالت السديري إن الجمعية لاحظت ارتفاع نسبة حوادث العنف الأسري، وبعضها ليس من الزوج بل من بعض الأبناء، لذلك نفذت الجمعية بعض البرامج لمعالجة تلك الحالات، لكن تظل المشكلة في عدم التبليغ عن حوادث العنف الأسري، ولذا لا يمكن تقديم المساعدة للأسر المتضررة منه نتيجة عدم المعرفة به وبحيثياته.
وقالت السديري، لقد تفاجأنا بأن بعض الأسر تفتقر للأمن الغذائي، فمقارنة بالمقاييس العالمية، فهناك نحو ١٢٪ من الأسر المستفيدة من خدمات الجمعية لم يكن لديها طعام لأكثر من يوم أو يومين. وهذه الدراسة ساعدتنا في التعرف على كيفية التعامل مع تأثيرات جائحة كورونا على الأسر؛ فعملت الجمعية على معالجة فقدان بعض أفراد الأسر لوظائفهم، ووجدنا بعض الحلول الجزئية من خلال توفير فرص عمل في مجال خدمات التوصيل. كما تم تنفيذ دورات في مجال الإدارة المالية لمساعدة الأسر في إدارة ميزانيتها، وندرس الآن الذين استفادوا من هذا البرنامج لمعرفة مدى استفادتهم منه. وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، فإن الجمعية تسعى إلى دراسة سلوكيات الأسر التي تعاني من فقدان الأمن الغذائي، لمساعدتها في إدارة ميزانيتها والتركيز على شراء الاحتياجات الضرورية، وتوزيع الدخل بشكل يناسب احتياجاتها، فالجمعية مهتمة بتغيير نمط العمل وكذلك تغيير نمط البحث عن العمل، إلى جانب نمط الاستهلاك لدى أفراد تلك الأسر المستفيدة من خدمات الجمعية بشكل خاص والأسر السعودية بشكل عام.
د. عبدالواحد: إذا تغيرت عادات الناس إلى الأفضل، فهذا يؤكد أنهم سيكونون في المستقبل أفضل إنتاجية وأكثر ترشيدا للإنفاق، وفي ترتيب الأولويات، فرب ضارة نافعة، كورونا تغير من سلوكياتنا إلى الأفضل!

المحور الخامس
تداعيات كورونا على الاقتصاد العالمي من حيث معدلات النمو والبطالة وأسواق النفط والتغيرات الهيكلية والآفاق المستقبلية د. أنس الحجي
(خبير في مجال الطاقة وأسواق النفط) د. عبدالواحد: لقد تأثر العالم كله بجائحة كورونا، وأدى ذلك إلى انخفاض الاستهلاك، وبالتالي انخفض الطلب على النفط، فانخفضت إيرادات المملكة من تصدير النفط، ولذلك فإن أي أزمة تمس الاقتصاد العالمي، لا بد أن نتأثر بها في المملكة؛ لأن اقتصادنا منفتح على العالم كله. المحور الخامس في هذا المنتدى عن النفط، وسيتحدث فيه الدكتور أنس الحجي، الباحث المهتم باستشراف مستقبل الطاقة، ويهمنا الاستفادة من أفكاره وتجربته، ويشارك معنا من الولايات المتحدة الأمريكية عبر خاصية الاتصال المرئي..
بدأ الدكتور أنس الحجي بذكر ست خصائص لآثار جائحة كورونا؛ وهي: أنها صدمة ليس لها مثيل في التاريخ، ولا تتوافر لدينا خبرات سابقة للتعامل معها، وأنها ضربت العرض والطلب معاً في الأسواق؛ وباستثناء الحروب، فإن هذه الأزمة تعد تكلفتها البشرية عالية؛ إذ جاءت الضربة القاسية للطبقة الفقيرة؛ بينما كان تأثيرها على الطبقة متوسطة الدخل محدوداً؛ أما الطبقة الغنية فقد صارت أكثر غنىً؛ كما أن وجود وسائل التواصل الاجتماعي قد خفّف من آثار الحجر المنزلي على الناس؛ والخاصية السادسة هي أنها خلقت فرصا جديدةً.
وهنا بالنسبة لنا كجالية عربية في أمريكا، اكتشفنا خلال هذه الجائحة أنه يمكننا الاستفادة من توافر فرص عمل عبر العالم، في مجال تقديم خدمة التدريس عن بعد لأبنائنا في أمريكا، وبتكلفة قليلة مقارنة بالأجور في أمريكا، ويكون المدرسون فيها من بعض الدول العربية ومن الهند وغيرها، وهي ميزة لم نكن نفكر فيها قبل هذه الجائحة؛ ومثل هذه الفرص ستبقى إلى الأبد، بفضل التقنية الحديثة، التي توفر فرص عمل بتكلفة أقل. صحيح أن التقنية كانت متوافرة، لكننا لم نتنبه لمثل هذه الخاصية إلا خلال الحظر في أزمة كورونا، وبالتأكيد هناك آخرون مروا بالتجربة نفسها. وفي ظل أزمة كورونا ثبت أن القطاعات غير النفطية تأثرت أكثر من قطاع النفط، وفي الدول المصدرة للنفط، فإنه حتى لو كان اعتمادها على إيرادات النفط بنسبة عالية أم متدنية فإن الأثر سيكون متحققاً لا محالة. نتائج أزمة كورونا
وأكد د. أنس الحجي أن من النتائج الاقتصادية لأزمة كورونا أن هناك دولا كثيرة عانت من الركود الاقتصادي أو الكساد، وحدث انخفاض ملحوظ في حركة التجارة العالمية، فانخفضت معدلات النمو، وفق بيانات صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أنها ستتأثر سلبا مع الموجة الثانية لفيروس كورونا. وقال إنه من نتائج الأزمة، تبين أن دور الحكومة في الاقتصاد مهم جدا، فرغم دعوات معظم أساتذة الاقتصاد في السابق إلى حرية الاقتصاد وعدم تدخل الحكومات، لكن هذه الجائحة أظهرت أن للحكومات دور مهم في إدارة الاقتصادات الدولية، وقد قامت الحكومات بزيادات كبيرة في الإنفاق المحلي لتجاوز آثار الركود الاقتصادي على مختلف شرائح المجتمع.
كما أن من نتائج الأزمة تبين أن العمل عن بعد يناسب بعض الشركات والمنشآت الاقتصادية وكذلك الأفراد، لكنه لا يناسب الجميع حتماً، وقد طلبت بعض الشركات من موظفيها العودة إلى العمل في مقارها لأن الإنتاجية تكون أفضل.
وكذلك ارتفعت معدلات البطالة في مختلف دول العالم، وكان الارتفاع كبيراً جداً في بعض الدول وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن أسواق الأسهم قد تأثرت، لكن بعد انفتاح الاقتصاد تحسن الوضع بشكل كبير، ثم عادت الأمور إلى الحالة الطبيعية. ومن نتائج الأزمة كذلك، ارتفاع الديون الحكومية لأعلى مستوياتها تاريخيا، وهو بسبب ارتفاع الإنفاق الحكومي الكبير والحزم المالية، التي جاءت إما من طباعة النقود أو من الديون التي وصلت إلى أعلى مستوى، وهذا سيلقي بضلاله على اقتصادات تلك الدول في العقود المقبلة. وأضاف الدكتور الحجي إلى أن العجز في الموازنات الحكومية ستكون له آثار على العملات وعلى التجارة الدولية وغيرها من جوانب الاقتصاد العالمي.
أسعار النفط
كانت أسعار النفط تنخفض بشكل عام، وقد حاولت المملكة العربية السعودية بصفتها أكبر منتج للنفط إقناع دول أوبك في تمديد تخفيض الإنتاج، لكن روسيا رفضت، فحدث خلاف في شهر مارس ٢٠٢٠م، فانخفضت الأسعار، واضطرت السعودية لزيادة الإنتاج مثل الدول الأخرى، وعندما تعمقت أزمة كورونا، انخفضت الأسعار بشكل سريع وكبير، حتى وصلت إلى أسعار سالبة! فاضطرت أوبك بعدها إلى تخفيض الإنتاج، ما أدى إلى تحسّن الأسعار من جديد، وعادت إلى مستويات ٤٠-٤٤ دولارا للبرميل.
وفيما يتعلق بإنتاج النفط فهناك إنتاج ملحوظ في ولاية تكساس التي صار إنتاجها أكبر من حجم إنتاج العراق، ولو كانت تكساس عضوا في أوبك فإنها ستكون المنتج الثاني الأكبر بعد المملكة العربية السعودية. والنتيجة الآن هناك فائض كبير في أسواق النفط، وما يؤكد ذلك هو وجود رصيد كبير في مخزون النفط الأمريكي، وهو يؤكد أن أمام منظمة أوبك عمل كبير للوصول إلى التوازن في الأسواق. وما أراه أن الذي سيحل مشكلة الطلب على النفط هو الوصول إلى علاج لفيروس كورونا وليس اكتشاف لقاح له!
الحوار والمداخلات
v د. عبدالواحد: هناك مجال أنت مهتم به وهو هل وصلنا إلى ذروة إنتاج النفط، وفي أزمة كورونا كيف كانت المعاناة بالنسبة للدول المصدرة؟ د. أنس الحجي: النموذج الرياضي الذي أستخدمه للاستشراف بشأن أسواق الطاقة العالمية للعام ٢٠٥٠م ليس هناك انخفاض متوقع حتى ذلك العام، وهو فترة الاستشراف، ولن يصل الإنتاج إلى ذروته كذلك. ثمة كثير من التطلعات تشير إلى أن الطلب على النفط وصل إلى ذروته، ومنظمة أوبك تتوقع أنه سيصل إلى ذروته بين عامي ٢٠٣٥-٢٠٤٠م، أما وكالة الطاقة الدولية فلا ترى أنه سينخفض قبل عام ٢٠٤٠م لكن كثير من الشركات ترى أنه سيصل إلى ذروته، هناك أخطاء كبيرة في ذلك، فيلاحظ أن الباحثين في الوكالة الدولية للطاقة ومنظمة أوبك يأخذون الأرقام المعلنة كما هي من الدول ذات العلاقة، وبناء على ذلك تأتي توقعاتهما. لكن الباحثين المستقلين يستطيعون تقييم الأوضاع من دون الالتزام بالأرقام المعلنة من الدول، بل لديهم الحرية في الموازنة بين ما هو منطقي وبين ما هو غير منطقي منها بناء على ما يحدث في الواقع، وما يمكن فعلا تحقيقه.
وهناك قضية أخرى وهي أن بعض الشركات نشرت تقريرا عن انتشار السيارات الكهربائية في العالم وأنه سيكون لها تأثير على انخفاض استهلاك النفط، وهذا غير صحيح وغير دقيق، والسبب أن الشركة المشغلة لأكبر قطاع من حافلات النقل العام التي سيتم تحويلها إلى الكهرباء، تستخدم الغاز وليس النفط! لذا فإن الكهرباء ستحل محل الغاز. كما حدث مثل ذلك في الصين وهو أن الحافلات التي ستتحول إلى الكهرباء ستحل محل الغاز أيضاً، ما يؤكد أن تأثير انتشار السيارات الكهربائية سيكون على الغاز وليس على النفط.
والنتيجة أن هناك مبالغة في أثر استخدام السيارات الكهربائية على مستوى الطلب على النفط في الأسواق العالمية.
سؤال: بعض الناس يرون أن أزمة كورونا مفتعلة وأنها تمثل حربا عالمية في المجال الاقتصادي، فما رأيكم؟
جواب: د. أنس: الفرق في نظرية المؤامرة بالنسبة لكورونا أنها تأتي من أساتذة جامعيين ومفكرين وأطباء ومتخصصون يعملون في المجال الصحي، وأنا شخصيا ليس لدي رأي شخصي في هذا الجدال، وليس لدي أي رأي أقدمه.
سؤال: ما تأثيرات ضريبة القيمة المضافة ال ١٥٪ على مستقبل النشاط الاقتصادي والأنشطة الواعدة للشباب.
ج. الأستاذ عبدالعزيز الرشيد: أحد الأدوات التي استخدمتها الحكومة للخروج من هذه الأزمة، وتحقيق المستهدفات المتوازنة بين الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي، جاءت هذه الزيادة الضريبية، وهذه الزيادة كانت جزءاً من دعم الإيرادات وإنفاق الحكومة خلال هذا العام والأعوام المقبلة، وبقدر ما تتمكن الحكومة من الإنفاق بشكل مستقر وبمستويات جيدة بقدر ما يكون لذلك أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي. لكن بدون شك، فإن هذا القرار له أثر على مستوى الاستهلاك بحكم ارتفاع الأسعار نتيجة إقرار ضريبة القيمة المضافة، وإنه يتوقع أن يقلل الاستهلاك، وكما هو معروف فإن أغلب المواد الاستهلاكية مستوردة، لذلك فإن ترشيد الاستهلاك لن ينعكس على المستوى المحلي بقدر ما سيقلل من المنتجات المستوردة التي سيقل الاستهلاك عليها، وهذا له نتائج إيجابية على ميزان المدفوعات في المملكة وعلى الميزان التجاري. د. عبدالواحد: لكن ذلك له تأثير على مستوى الدخل بالنسبة للأسرة، فمع الضريبة فإنها أصبحت لا تستطيع شراء ما كانت تشتريه في السابق من دخلها نفسه.
سؤال: د. زياد السديري: تشير التقارير لانخفاض الصرف من شركات النفط على مشاريع البحث والتنقيب عن النفط، ما أثر ذلك على النفط في المدى المتوسط، ومتى في تقديرك ستظهر آثار الطاقة المتجددة على أسعار النفط؟
د. أنس: شكرا، هذا سؤال وجيه. نحن الآن مقدمون على أزمة كبيرة في مجال النفط، بحيث لا يتوافق الإنتاج مع الطلب عليه، وبخاصة مع وجود أخطاء كبيرة في التوقعات التي قامت بها وكالة الطاقة الدولية ومنظمة أوبك.
إن هذه الاستثمارات عندما تزيد، فإن إنتاج النفط سيرتفع، وعندما تنخفض سينخفض الإنتاج. ولكن أكبر زيادة في إنتاج النفط جاءت من الزيت الصخري، ومشكلة هذا النوع من الطاقة أن معدلات نضوبه مرتفعة، وهي ما بين ٤٠-٦٠٪ سنويا، أي أن بئر الزيت الصخري يبدأ مثلا بإنتاج ألف برميل يوميا، وفي آخر السنة ينخفض إلى نحو ٤٠٠ برميل فقط. وقد لجأ منتجو الزيت الصخري للتعويض عن هذا النضوب بزيادة أعمال الحفر وزيادة الإنفاق لتعويض انخفاض كمية الإنتاج.
أي إن انخفاض الاستثمار يعني عدم القدرة على التعويض عن نسبة النضوب، والانخفاض في الإنتاج؛ لذلك، فإن الإنتاج الأمريكي سينخفض على جميع الحالات بنسبة كبيرة، فهناك توقعات بأن الإنتاج في أمريكا سيكون بحدود ١٤ مليون برميل يوميا، وسينخفض إلى نحو ١٠ مليون برميل، أي بنقص مقداره ٤ مليون برميل بسبب عدم توافق الاستثمار مع معدلات النضوب.
بالنسبة للطاقة المتجددة، وبخاصة الشمسية والرياح فإنها تستخدم في توليد الكهرباء، وإن نسبة استخدام النفط في توليد الكهرباء في الصين والدول الصناعية لا تصل إلى ٢٪، فمهما كانت نسبة التركيز على استخدام الطاقة الشمسية والرياح في توليد الكهرباء فلن تؤثر على أسواق النفط. وفيما يتعلق بالمشكلة التي تواجه النفط وهي استخدام السيارات الكهربائية، ففي تقديري حتى نصل إلى ذروة الطلب على النفط نحتاج إلى ٧٠٠ مليون سيارة كهربائية على الطرق حول العالم، أو أكثر، بحلول عام ٢٠٥٠م، ليكون هناك تأثير كبير على انخفاض الطلب على النفط، لكن، الموجود لدينا الآن ١٠ ملايين سيارة تقريبا، وهو رقم ضئيل وتأثيره قليل.
سؤال: التطور في القطاع السياحي وما حصل من توقف لأعمال مكاتب السفر والسياحة فهل يتوقع أن يكون هناك زيادة في الإنفاق الداخلي؟
جواب: د. رجا المرزوقي: لا توجد دراسات حتى الآن عن ذلك. يلاحظ أن الفترة المتاحة للسياحة في بعض المناطق في المملكة محدودة (شهران مثلا) بسبب الطقس، فهذا يؤثر على أسعار الخدمات السياحية، لكن لو استطعنا توفير شركات قادرة على نقل الخدمة السياحية المتنقلة عبر مناطق المملكة دون الحاجة لإقامة في الفنادق فمن الممكن أن تتغير توجهات السياحة الداخلية. إن زيادة نسبة السياحة الداخلية ستؤدي إلى التقليل من أسعار الخدمة السياحية، نحن نحتاج أن نكون ابتكاريين في خدمات السياحة الداخلية.
سؤال: ما هي المجالات في قطاع الصناعات والأعمال أو الخدمات التي يتوقع أن تقتصر أنشطتها على العمل عن بعد، وما تأثير ذلك على فرص العمل؟
د. خالد الراجحي: كل ما كان يجري سابقا قبل جائحة كورونا سيتغير، فيما بعدها، وفيما يتعلق بالعمل عن بعد، فليس بالإمكان أن يكون كامل العمل عن بعد، ولا يمكن أن يصير هو الأساس، بل سيظل رديفا للعمل التقليدي؛ وعلى سبيل المثال، بالنسبة للتعليم هناك انخفاض فيما يتعلق بمستوى التحصيل العلمي لدى التلاميذ نتيجة التعليم عن بعد، ومعظم الآباء ينتظرون عودة التعليم الوجاهي لضمان جودة التحصيل الدراسي لأبنائهم.
سؤال: تحدثتم عن الإقراض، ما نسبة الإقراض الداخلي مقارنة بالإقراض الخارجي للدولة؟
جواب: التفاصيل موجودة في الموقع الرسمي لوزارة المالية، في التقرير الربعي، ويتم تحديث البيانات بشكل دوري، وإن المعلومات متاحة للجميع، فقد قطعت وزارة المالية خطوات واسعة في مجال الشفافية ونشر البيانات المالية الرسمية، فيرجى العودة للموقع الرسمي والاطلاع على تلك المعلومات.
سؤال من محمد الضويحي: كيف يمكن الاستفادة من تجربة جمعية النهضة وتعميم التجربة على مستوى المملكة؟
جواهر: إن جمعية النهضة تحرص أن تكون أنشطتها ودراساتها تشمل مناطق المملكة عامة، وتخدم المجتمع السعودي كله، كما أن نتائج دراسات الجمعية متاحة لأي جهة للاستفادة منها ونحن ندرب بعض الجهات في هذا المجال.