منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري - الدورة الخامسة عشرة

تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة
عقد منتدى الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دورته الخامسة عشرة، في الرياض، بعنوان: «تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة»، وذلك يوم الثلاثاء ٤ ربيع الآخر ١٤٢٣هـ (٩ نوفمبر ٢٠٢١م)، وحضر ندوة المنتدى جمع من المدعوين من رجال الصناعة والاقتصاد، أثروا الندوة بالحوار والمداخلات، كما شهدت منصات وسائل التواصل التي جرى بث فعاليات المنتدى من خلالها مباشرة، حضورًا لافتًا من الاقتصاديين والمهتمين من داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.
ندوة المنتدى
المتحدثون:
م. البدر بن عادل فوده/ وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير الصناعي.
د. منصور الصالح/ خبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة.
م. عبدالله بن عبدالرحمن العبيكان/ الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان.
د. ستيفن هيرتوغ/ باحث بمدرسة لندن للاقتصاد والسياسة.
أدار الندوة: طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري.
ألقى مدير عام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي، سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري، كلمة رحّب فيها بالمشاركين، وبالجمهور المتابع عبر البث الرقمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة. وقال إن اختيار موضوع المنتدى لهذا العام جاء بالنظر لأهمية مواكبة الثورة الصناعية الرابعة، وللإسهام في النقاشات الاقتصادية فيما يتعلق بخيارات الصناعة الوطنية السعودية. وقد درجت هيئة منتدى الأمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية على اختيار الموضوعات الحيوية في كل عام.
وقال إنه يشاركَنا في هذا المنتدى نخبة من الخبراء الاقتصاديين لمناقشة عدة محاور تتناول واقع الصناعة السعودية حاليًا، ومدى جاهزيتها لتلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، والخصائص التقنية والاقتصادية للثورة الصناعية الرابعة، وخيارات الصناعة السعودية في ظل التحولات المفصلية للمشهد الصناعي العالمي، وما هي حوافر التنويع الاقتصادي ومعوقاته.
وأضاف السديري أن المركز قد درج على إقامة دورات هذا المنتدى بالتناوب سنويًا بين دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بمحافظة الغاط، وبسبب الإجراءات الاحترازية الحالية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، ارتأت إدارة المركز تنفيذ هذه الدورة والدورة التي قبلها عبر الاتصال المرئي، ورُب ضارة نافعة، فإن هذه الخطوة تمكننا من إيصال رسالة المنتدى، وإتاحة محتوى هذه الدورة لجميع الراغبين بمتابعته، سواء من داخل المملكة العربية السعودية، أو من خارجها في الدول العربية الشقيقة وفي مختلف دول العالم دون استثناء، فرسالة المركز الثقافية رسالة عامة لكل مثقف ومتطلع للمعرفة.
وأشار إلى أن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي لديه أربع مكتبات عامَّةُ في الجوفِ والغاطِ اثنتان منها للرجال ومثلها للنساء، ويرعى برنامَجا للنشرِ ودعمِ الأبحاثِ، وتصدر عنه دوريتان: أدوماتو الآثارية، والجوبةُ الثقافية، وينفذ مناشِط منبرية، وملتقيات، ومسابقات ثقافية؛ وتشهد هذه الأنشطة، تفاعلًا منتجًا وملحوظًا من قبل الجمهور المتابع المهتم بأنشطة المركز وبرامجه.
وقال إن منتدى عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية يعد من أهم أنشطة المركز وبرامجه، وذلك لدوره في نشر الوعي وتعزيز الثقافة الوطنية في أبعادها المختلفة، وهو يتناول في كل دورة موضوعًا مهمًا على مستوى الوطن، يشترك في تقديمه نخبة من المتخصصين، وقد اختارت هيئة المنتدى موضوع خيارات الصناعة الوطنية في عصر الثورة الصناعية الرابعة في هذه الدورة، إسهاما من المركز في إثراء النقاشات حول هذه القضية المهمة التي أولتها رؤية المملكة ٢٠٣٠ اهتمامًا بالغًا.
ندوة المنتدى
بعد ذلك بدأت الندوة بكلمة للأستاذ طارق السديري، فقدم الشكر لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي على تنظيم هذا المنتدى، ورحب بالمتحدثين، وهم: المهندس بدر بن عادل فودة، وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير الصناعي، وعنوان ورقته: «خيارات الصناعات الوطنية في ظل التحولات المفصلية التي تجتاح المشهد الصناعي العالمي»؛ والدكتور منصور الصالح، الخبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة، وعنوان ورقته «الخصائص التقنية والاقتصادية للثروة الصناعية الرابعة ومتطلباتها في مجال إعداد القوة البشرية الوطنية»؛ وشارك عبر الاتصال المرئي م. عبدالله بن عبدالرحمن العبيكان، الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان، وهو واحد من رواد القطاع الصناعي في المملكة، وعنوان ورقته «خيارات الصناعة السعودية في زمن الثورة الصناعية»؛ وأخيرًا البروفسور ستيفن هيرتوغ، وهو باحث في مدرسة لندن للاقتصاد والسياحة، شارك بورقة عنوانها: «حوافز التنويع الصناعي ومعوقاته في المملكة العربية السعودية»، وكانت مشاركته عن بعد بسبب وجوده في لندن.
وأشار مدير الندوة إلى أن الهدف من هذه الندوة هو مناقشة الدور الذي يمكن أن يقوم به القطاع الصناعي، وأهميته كأحد أهم أساسات مسيرة تحوّل الاقتصاد في المملكة، كما أنه أحد أهم برامج رؤية ٢٠٣٠، وكيفية النهوض بهذا القطاع والتعامل مع أكبر التحديات والفرص السانحة أمامه، وذلك في خضم ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة في الاقتصاد العالمي.
المهندس البدر فودة
بدأ م. البدر فودة في التعريف ببرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وقال إنه يركز على أربعة قطاعات هي: الصناعة، والثروة المعدنية، والطاقة، والخدمات اللوجستية. وركز في ورقته على الثورة الصناعية الرابعة؛ إذ يلعب البرنامج دورًا كبيرًا في تمكين قطاع الصناعة؛ لأنه مُمكّن أساسٌ لتحقيق مستهدفات البرنامج، وللتركيز على تطوير قطاع الصناعة وتحفيزه بشكل شامل، من خلال ثلاث ركائز رئيسة، هي: رفع كفاءة التصنيع وخفض التكاليف، ورفع التنافسية، ورفع جودة المنتجات المحلية. لذلك، فإن البرنامج يقوم بتفعيل دور هذا المحور من خلال الخطة التنفيذية الرابعة التي تم اعتمادها في بداية العام ٢٠٢١م.
وقال م. فودة: إن الثورة الصناعية الرابعة هي أحد المُمكنات الأساس في تحول سياسات العمل ومنهجياته، وذلك بالتكامل بين التقنيات المتقدمة، والتحول إلى مصانع ذكية، وغيرها من الأمور لزيادة الإنتاج والتنافسية في قطاع الصناعة، وتمكين القطاع الصناعي من تحقيق المستهدفات الخاصة لرؤية المملكة ٢٠٣٠.
وعرّج المهندس فودة بالذكر على أنواع الثورات الصناعية التي تمت؛ فذكر أن الثورة الصناعية الأولى كانت في العام ١٧٦٠م، وكانت تُعنى باختراع الآلة البخارية وميكنة الإنتاج؛ تلتها الثورة الصناعية الثانية في العام ١٨٧٠م، وكانت تُعنى بالكهرباء، وجرى خلالها اختراع الكهرباء وتحوّل الإنتاج إلى إنتاج كمّي؛ أما الثورة الصناعية الثالثة فكانت في العام ١٩٧٠م، ومنها بدأ دخول الحواسيب إلى التطبيق؛ ثم جاءت الثورة الصناعية الرابعة وهي مجموعة من التطبيقات المتقدمة الخاصة مثل: الحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، وهكذا دواليك، والتي لم تكن موجودة من قبل.
وأشار المهندس فودة إلى أن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية حلل التحديات الموجودة في بيئة العمل، ليستطيع الخروج بمبادرات تمكّن من التحول نحو تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وجرى تعزيز دور منظومة الدورة الصناعية الرابعة في المملكة، وكذلك توفير المعلومات اللازمة بالنسبة للمستثمر، مع إدخال الحوكمة وتكامل الجهود تحت جهة راعية واحدة، وتعزيز المخصصات المالية والقوى البشرية المتخصصة في هذا المجال، إضافة إلى العمل على رفع الوعي لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة عند القطاع الخاص وعلى وجه التحديد القطاع الصناعي.
وأكد المهندس فودة أن هذه التحديات جرى تحويلها إلى فرص، ضمن أربعة محاور هي: المحور الأول حوكمة البيانات والتقنيات، والمحور الثاني تهيئة البنية التحتية الرقمية، والمحور الثالث تبنّي تقنيات الثورة الصناعية الرابعة من قبل المستخدم أو المستفيد، والمحور الرابع هو تحفيز التقنية والابتكار.
وأشار المهندس فودة إلى أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية أطلقت برنامجًا لتحويل أربعة آلاف مصنع من الاستخدام الكثيف للعمالة الوافدة ذات الأجور المنخفضة، إلى استخدام تطبيقات التميز التشغيلي أو كفاءة الإنتاج، والأتمتة، ما يخلق فرصًا لأبناء الوطن، كما سيسهم أيضا في رفع مؤشر الابتكار وتطور الصناعة، وذلك بهدف تغيير مفهوم الصناعة، وثقافة التصنيع في المملكة من الاعتماد على العمالة الوافدة ذات الأجور المنخفضة إلى الأتمتة والتميز التشغيلي.
المهندس عبدالله العبيكان
ثم تحدث المهندس عبدالله العبيكان، الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان، عن محور واقع الصناعة الوطنية في الوقت الحاضر ومدى جاهزيتها لتلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
فقال إن الصناعة في المملكة هي قصة نجاح في إدارة التنمية، ونحن نتحدث اليوم عن الفرص والتحديات التي تواجهنا بشكل يومي. فالخيارات المتاحة في الصناعات السعودية شبيهة بالخيارات المتاحة في كثير من الدول، والتحدي أو الإبداع هو في اختيار ما يناسبنا، بحيث نتفوق ونكون في حالة استدامة للصناعة السعودية، وإذا كانت إدارة التحديات هي عمل يومي للقائمين على الصناعة؛ فإن التمكين في إدارة التحديات هو التميز المأمول. إن محور نقاشنا في هذه الندوة، هو: ما المحركات والممكنات التي تحقق الاستدامة للصناعة السعودية؟
إن حجم السوق في المملكة يعد الأكبر في المنطقة من حيث الطلب والمبيعات، وأغلب الصناعات في العالم التي تفوقت سواء في التصدير أو في الإبداع أو الابتكار تتميز بأن لديها سوقا محلية كبيرة.
النقطة الثانية: الموقع الجغرافي للمملكة هو موقع متفرد يساعد في طرح خيارات كثيرة لسلاسل الإمداد والدعم اللوجستي. أما القوة الثالثة فهي توافر المواد الخام في المملكة سواء الهايدرو كربونية أو التعدين.
وأشار المهندس العبيكان إلى أن المجتمع السعودي يتميز بأنه مجتمع شاب ومستعد للإنتاج والاستهلاك، وتتوافر لدية موارد مالية، ونظام مصرفي قوي، ومترابط مع النظام العالمي، ويحظى بثقة عالمية في النظام الاقتصادي والاستقرار الذي يتمتع به. ويعد ذلك مَكْمَن قوة كبيرة ينبغي توظيفها والاستفادة منها بشكل كبير. أما التحولات والثورات الصناعية في العالم، فنحن مقبلون على اندماج بين علم المواد وعلم المعلومات، وهذا الاندماج ولّد وظائف متعددة، وله خصائص متعددة، وقوة أداء عالية، وسيؤثر على صناعات كثيرة جدا.
ونبّه المهندس عبدالله العبيكان إلى أن عدم فهمنا لهذا التغير والاندماج قد يفوّت علينا فرصًا كبيرة، ومنها الاندماج في علم الأعمال، وعلوم الكمبيوتر، وهذا الاندماج الذي يحدث، فيه قفزات كبيرة ستولد نظام تشغيل جديد، سواء في الصناعة أو في المؤسسات والشركات.
ولخّص المهندس العبيكان مداخلته في أن أسباب تسريع النمو وتعزيز مكانة المملكة صناعيًا يتطلب بناء منظومة متكاملة لكل صناعة، وتوطين الصناعة، ورفع مستوى المحتوى المحلي أساس القدرة على التصدير والمنافسة، وبناء صناعة تعتمد بشكل أساس على الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، والتركيز على تعظيم سلاسل قيم المواد الأساس المتوافرة في المملكة.
الدكتور منصور الصالح
تحدث الدكتور منصور الصالح، الخبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة، عن الخصائص التقنية والاقتصادية للثورة الصناعية الرابعة ومتطلباتها في مجال إعداد القوى البشرية الوطنية وعناصر الإنتاج الضرورية الأخرى، فقال: إن الزملاء الذين سبقوني في الحديث تحدثوا عن مراحل الثورة الصناعية بأطوارها الأربعة، لكن دعونا نركز الآن على الثورة الصناعية الرابعة، ففي حين كانت هناك تقنية واحدة تميز الثورة الصناعية في مراحلها الثلاثة السابقة، فقد جاءت الثورة الصناعية الرابعة متميزة بمجموعة من التقنيات، وليس تقنية واحدة فقط، أحيانًا يسمونها الإنتاج المادي الإلكتروني.
وبصرف النظر عن المصطلحات، حتى لو أخذنا المصطلح الرئيس «الثورة الصناعية الرابعة» التي بدأت قريبًا في عام ٢٠١٦ والذي أطلقه عليها المنتدى الاقتصادي العالمي، كان هناك مصطلح آخر يدعى الصناعة، بدءًا من استراتيجية المصانع أو ما يطلق عليه في ألمانيا اسم المصانع الذكية، فكانت هذه بداية المصطلح، كما تم استخدام مصطلحات التقنيات الناشئة والحديثة في ذلك الوقت.
وهذا المسمى يندرج تحته مجموعة من التقنيات، ليستفاد منها في مجموعة من التطبيقات، ومن المهم أن نعرف أن الثورة الصناعية الرابعة لا تقتصر على المصانع فقط، فهي تشمل مجالات كثيرة، على سبيل المثال لا الحصر صناعة البرمجيات، وصناعة السياحة، وغيرها. وهناك تقنيات شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والهواتف النقالة، والحوسبة السحابية، وغيرها فهي تنتقل من تقنية إلى تطبيق مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D printing والطاقة المتجددة وما يتعلق بها، وإنترنت الأشياء، وتقنية النانو، والروبوتات، وغيرها.
ولكي نأخذ فكرة سريعة عن الأثر الاقتصادي. فعلى سبيل المثال، لو أخذنا تطبيقات إنترنت الهواتف النقالة، ستكون المبالغ التي نتحدث عنها مبالغ ضخمة، فإننا نتكلم عن عوائدها الاقتصادية والتي من المتوقع أن تكون من ٣ إلى ١٠ تريليون سنويًا، أما عوائد إنترنت الأشياء فهي ما بين ٣ إلى ٦ ترليون في السنة.
وتساءل الدكتور منصور: ما فوائد الثورة الصناعية الرابعة؟ ويجيب: إن من فوائد الثورة الصناعية الرابعة: زيادة الإنتاجية، والكفاءة، والجودة، والسلامة، واتخاذ القرار، والمساعدة في اتخاذ القرار. وستكون هناك منافسة بين الشركات والمصانع في الخدمة والمنتج الذي تقدمة للمستهلك، وسيكون لها أثر اقتصادي كبير، وستتغير مفاهيم العمل، والمهارات التي نحتاجها، وما الأشياء التي تغطيها الآلة الآن، وما الأشياء التي من المفروض أن نركز عليها، وهكذا.
إن فعالية الإنتاج في المنظمة أو الشركة أو المصنع ستزداد؛ وفي المقابل ستقل تكلفة الإنتاج وتكلفة إدارة تلك الشركات، وكذلك فيما يتعلق بالجودة، فلها أثر ضخم جدا، سواء في التخطيط أو في إرضاء المستخدم، أو في سرعة إيصال المنتج إلى السوق أيضا؛ باختصار سيكون للتقنية أثر كبير جدا.
وأكد الدكتور منصور الصالح في نهاية عرضه على أنه عندما يكون الاستثمار من ناحية التدريب، والتهيئة، وفهم التنقية، وأثرها في الوقت الصحيح في مرحلة مبكرة، فإن نتائجها ستكون لها أثر كبير، وستكون كذلك هناك قدرة لديها على مواكبة أو قيادة التقنيات الحديثة بحيث تكون هي فعلا صاحبة السبق، سيكون تأثيرها أكبر بكثير، لأنه عندما يرتفع مستوى نضج التقنية، ويكثر استخدامها في أماكن كثيرة، تصعب منافستها بشكل كبير.
ودعا في ختام كلمته إلى التركيز على الدراسات الاستكشافية والاستطلاعية لتحديد تلك التقنيات، وبخاصة في مراحل مبكرة.
د. ستيفن هيرتوغ
أما الدكتور ستيفن هيرتوغ، الباحث بمدرسة لندن للاقتصاد والسياسة، فتحدث في ورقته حول محور حوافز التنويع الصناعي ومعوقاته في المملكة العربية السعودية، فقال: هناك عاملان أساسان شكلا المشهد الصناعي في السعودية منذ سبعينيات القرن العشرين؛ الأول هو الخدمات والبنى التحتية التي توفرها الحكومة، وكذلك فيما يتعلق بعدالة توزيع الاستثمار؛ أما العامل الثاني فهو توفير المواد الأساس مثل: الغاز، والكهرباء، والمياه، وهي العوامل الرئيسة التي قامت في الأساس بتشكيل المشهد والإنتاج الصناعيين القائمين حاليًا في السعودية. وما يزال هناك تحيز بشكل أكبر تجاه الصناعات الثقيلة والصناعات الخفيفة التي تركز على قطاع الطاقة، والصناعات المرتبطة بالمستهلكين والتي تعتمد على المدخلات منخفضة التكاليف، والصناعة الزراعية؛ لذلك فصافي المواد الأساس ما زال يعد ميزة وهو السائد في المشهد الصناعي في السعودية بسبب تكاليف الإنتاج المتعلقة بالصناعات، وهو أعلى من الجهات المنافسة الإقليمية؛ وقد نتج عن ذلك أن هناك محدودية في حصة التقنيات المتقدمة من الإنتاج الصناعي في السعودية، إذ إن صادراتها من التقنيات المتقدمة ما تزال أقل من ١٪. لذلك، فقد أدى هذا النموذج القديم عمله بنجاح، من ناحية تحقيق التحول الصناعي في السعودية، وبنى أكبر قاعدة صناعية ربما في الشرق الأوسط؛ لكنه وصل إلى حالة من الإنهاك والإجهاد الآن بسبب أن الموارد بالكامل تم توزيعها، وكذلك بسبب القيود المالية.
وعلى الصعيد الآخر بالنسبة للمشهد العالمي، ما تزال هناك تحديات، فبعد عقود نرى أن هناك عملية تنافس بين الصين وأمريكا، وأن هناك حالة تشتت وانقسام في السوق على الصعيد الاقتصادي الدولي. وبالطبع وجود جائحة كورنا أثّرت كثيرًا في هذا الاتجاه، كما أدى إلى زيادة ما نسميه بالثورة الصناعية الرابعة بكل مكوناتها، مثل: التقنية، والبيانات، والذكاء الاصطناعي، وما إلى ذلك.
وأضاف د. هيرتوغ أنه بالنسبة لتوظيف الكفاءات الوطنية، والاستفادة منها، تدفع الحكومة باتجاه السعودة، وتوطين المهن، وزيادة توظيف السعوديين، وهذا قد يعني على المدى القريب زيادة في التكاليف، وربما انخفاض في المرونة بالنسبة للمنتجين، لكن على المدى البعيد قد يعني تحسينًا للمشهد الإنتاجي، لكنها حركة تسير ببطء ملحوظ، وبسبب محدودية وجود المهارات المتخصصة من داخل السعودية سيبقى الانتقال إلى الإنتاج التقني الموسّع والمكثّف يمر بمرحلة بطيئة في المستقبل القريب في السعودية.
وقال إن هناك مجموعة كبيرة من الفرص الجديدة التي تلوح في الأفق بالنسبة للمنتجين الجدد، وبخاصة في القطاعات التي تستهدفها الحكومة من ناحية الصناعات الاستراتيجية. مثل برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية، كمثال. وتقود هذه الجهود شركة أرامكو بشكل أساس، ومعها كذلك بعض الجهات المحلية، وكذلك أيضا فيما يتعلق في إعادة توجيه بعض سلاسل الإمداد والتوريد لبعض الصناعات الاستراتيجية المهمة، ومنها أيضا صناعات الدفاع والأدوية، والصناعات الزراعية.
وختم الدكتور هيرتوغ بالإشارة إلى فرصة جديدة تلوح في السعودية وتتعلق في التوسع في استخدام الطاقة المتجددة، هي موجة تحول صناعية جديدة، ربما قد تكون بطيئة بعض الشيء، لكنها سوف توفر بعض الإيجابيات، مثل توفير الكهرباء والطاقة بخدمات أقل تكلفة، وتوفر كذلك مصدرًا جديدًا للمواد الأساس، والتي يمكن أن تشكل تحولًا جديدًا لصناعة مكثفة للصناعات الثقيلة.
الحوار والمداخلات
تساءل مدير الندوة: هل تطوير القطاع الصناعي أمر ضروري لتطوير عجلة نمو الاقتصاد السعودي وتسريعه، وتحقيق مستهدفاته، وتقليل الاعتماد على البترول؟ أم هل من الممكن تحقيق هذه المستهدفات عن طريق تطوير قطاعات أخرى عوضًا عن القطاع الصناعي؟
أجاب المهندس البدر فودة، فقال: إن مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بالنسبة للدول الـ ٢٠، هي في حدود ١٧٪؛ بينما مساهمة الصناعة الوطنية في الناتج السعودي ١٢٪، وهذه الفجوة تمثل التحدي، والفرصة التي نعمل من خلالها، لإحلال الواردات لرفع الطاقة الإنتاجية للمصانع، وخلق فرص جديدة، وهي فرص لأبنائنا وبناتنا، وإلا فأين سيعمل أبناؤنا وبناتنا إذا لم نوفر لهم فرص العمل. فقطاع الصناعة اليوم يسهم في تشغيل قطاع التجارة وقطاع الخدمات؛ لأن المصنع في النهاية يبيع للموزع، والموزع يوزع لمنافذ البيع، وهكذا.. فكل وظيفة في القطاع الصناعي تخلق ما بين ٥ إلى ١٠ وظائف في القطاعات الأخرى، وهذا بشكل مبسط، أي لماذا نحتاج إلى تنمية القطاع الصناعي، ناهيك عن تنويع مصادر الدخل وعدم الاكتفاء بمصدر واحد، لكنه أساسٌ لتوفير الوظائف، ولخفض السلبية في ميزان المدفوعات وغيرها من الفوائد المعروفة.
مدير الندوة: السؤال موجه للبروفيسور ستيفن هيرتوغ. لو نظرنا إلى الاقتصاد السعودي خلال الخمسين سنة الماضية فإنه نما بمعدل سنوي ٥٪ مقارنة بمعدل نمو الاقتصاد الكلي بنسبة ٤٪ سنويًا، أي أعلى من الاقتصاد الكلي، ولذلك نسبة القطاع الصناعي من الاقتصاد الكلي زادت من ٧.٥٪ تقريبًا في أوائل السبعينيات إلى نحو ١١٪ اليوم. فالسؤال هو اليوم على ضوء ذلك، هل هناك تحدٍّ يجب معالجته أم أننا نسير في الطريق الصحيح، وأن كل ما يجب أن نقوم به هو مواصلة السير في الاتجاه نفسه؟
د. ستيفن هيرتوغ
الإجابة عن هذا السؤال تتكون من نقطتين؛ الأولى هي أنه كان هناك بالفعل بداية حقيقية للصناعة، ولكن على نطاق صغيرٍ جدًا بدأت في الستينيات، من القرن الماضي، فإذا أضفنا هذه الحقبة إلى الحساب الذي ذكرته، يمكن أن نجد أن معدل النمو كان أكبر مما ذكر في سؤالك.
النقطة الثانية، وهي مثيرة للاهتمام أنه بالنسبة للسعودية، فقد تمتعت المملكة بذكاءٍ كبيرٍ جدًا بالاستفادة مما لديها من المواد الأساس وميزاتها، وبدأت برنامجًا صناعيًا كانت تقوده الحكومة، وربما يعد البرنامج الصناعي الأنجح في الشرق الأوسط، ولكن كان له مردوداته؛ من ناحية أن المواد الأساس هي قطاع تعرض للإنهاك والاستنزاف، لذلك يمكن اعتبار ما حدث في السعودية قصة نجاح تاريخية حقيقة، ولكن ما أود أن أقوله إن الرحلة التالية من التحول الصناعي ستكون أصعب بكثير، لأن ما يكمن أن نشبهه بالقطوف الدانية أو المزايا التي كانت متاحة، ويسهل استخدامها، تم بالفعل استخدام الغالبية العظمى منها.
مدير الندوة
السؤال للمهندس عبدالله العبيكان: كان هناك عدة محاولات خلال السنين والعقود الماضية لتطوير القطاع الصناعي في المملكة، فهو يشكل ١١٪ من الاقتصاد الكلي تقريبا، مقارنة بنسب تراوح ما بين الـ ٢٠ إلى ٣٠ ٪ في دول مثل ماليزيا، وكوريا الجنوبية، والصين. برأيكم: ما هي أكبر التحديات التي حالت دون الوصول إلى هذه المستويات، والاحتذاء بما قامت به بعض الدول الناجحة في هذا المجال؟
م. عبدالله العبيكان
اعتقد أن واحدًا من التحديات الرئيسة هو موضوع التكامل في الاستراتيجية. فالصناعة لا يمكن أن تنجح وتزدهر إذا لم يكن هناك منظومة متكاملة ومترابطة، وهذا مهم جدا لتسريع النمو. والنقطة الثانية: فيما يتعلق بالصناعات الأساس، صحيح أننا تفوقنا في الصناعات النفطية والبتروكيماويات، لكن مثل صناعة السيارات هي صناعة أساس ومحرك للتنمية بشكل كبير، ما يعني أننا فقدنا التوطين. والصناعة العسكرية مهمة لتنشئة الصناعات المدنية وتحفيزها والإبداع فيها. أما ما يتعلق بتوطين قطاع نظام المعلومات، فكل شركات التقنية الموجودة عندنا اليوم جميعها عبارة عن بياعين، فليس لدينا مراكز أبحاث ومبرمجين ومطورين لتسريع التنمية. النقطة الرئيسة الأخيرة، وهي مهمة جدا، هي توطين المشتريات أو رفع مستوى التوطين في المستويات الحكومية المحلية، لأن المستويات المحلية، محرك قوي جدا لتسريع النمو الاقتصادي والصناعي.
مدير الندوة
د. منصور: ما هي أكبر التحديات والعوائق التكنولوجية فيما يخص تطوير القطاع الصناعي السعودي؟
د. منصور الصالح
طبعا بحكم أننا نتحدث عن تقنيات حديثة وناشئة، وبعضها أيضا معقد، ويحتاج إلى تدريب وإلى فهم عميق. فقد تكون إحدى مشكلات تبني التقنيات الحديثة أو ما يسمى بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة- بشكل عام- هي عدم وجود فهم كامل من أصحاب المصلحة ومتخذي القرار الموجودين في المصانع والشركات وغيرها. فما هي هذه التقنيات التي نسمع بها الآن؟ ما دورها؟ وما هو تأثيرها؟
تأثيرها كما ذكرنا من ناحية الإنتاجية، والإيرادات السنوية، والأمان في المصنع. هل فعلا ستقلل التكلفة أم لا؟ هل ستخفض أعداد الأيدي العاملة؟ وبالتالي هل يمكن رفع الجودة، ومزايا أخرى كثيرة؟ أعتقد أننا ربما نحتاج إلى ورش عمل بطرق مختلفة، للتأكد فعلا من استيعاب التقنيات المختلفة، وما هو أثرها، ولماذا هي مهمة، وفي الوقت نفسه، فمن المعروف أنه ليس دائما التقنيات تزيد من الإنتاجية وتطور الشركة أو المصنع. كما يجب أن تكون هناك دراسة دقيقة أيضا، لمعرفة أثر تلك التقنيات وتطبيقها، وعدم وجود الكفاءات -كما ذكر المتحدث في السؤال السابق- القادرة على إدارة تلك التقنيات وتشغيلها والاستفادة منها، كذلك، فإن الشركات معتادة على عمليات وإجراءات واستراتيجيات معينة، يطبقونها منذ سنوات؛ فدائمًا يصعب التغيير، وتبني تقنيات فعلا حديثة أثرها غير واضح أمام أعينهم.
مدير الندوة
مهندس بدر، عودة لكم.. على ضوء ما سمعناه، برأيكم، هل تعطينا فكرة عن أهم المبادرات التي تقوم فيها وزارة الصناعة لتحقيق مستهدفات برنامج التطوير الصناعي من ناحية الإضافة للناتج المحلي، ومن ناحية توليد الوظائف، ومواجهة بعض التحديات التي تم ذكرها.
م. البدر
شكرا جزيلا على السؤال، المبادرة الأولى هي تأسيس المركز الوطني للتصنيع والإنتاج المتقدم وتشغيله، وهذا المركز يركز على الثورة الصناعية الرابعة، وتطبيقاتها التي شرحتها أثناء العرض، وتمكين القطاع الصناعي من الاستفادة منها.
المبادرة الثانية: البنية التحتية للثورة الصناعية الرابعة وهي ليست تحت منظومة الصناعة والثروة المعدنية كوزارة، وإنما تحت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، للتمكين من وجودها؛ لأنه في النهاية.. فإن التطبيقات هذه كلها تحتاج إلى شبكة إنترنت وبنية تحتية قوية. والمبادرة الثالثة هي منصة الممكّنات الرقمية. والمبادرة الرابعة هي التوعية في الثورة الصناعية الرابعة.
إن عدد المبادرات كبير، وهذا يعني أن منظومة الصناعة لها مبادرات متخصصة الهدف فيها في النهاية أن تغير من شكل الصناعة التي نراها اليوم إلى الطموح والتوافق مع رؤية المملكة ٢٠٣٠.
مداخلة من د. عبدالرحمن الجعفري
كل متحدث من المتحدثين الأربعة لمس جوانب مهمة بالنسبة للصناعة. ولعلي أضيف شيئًا واحدًا ربما لم يتطرقوا له، ولهذا السبب أراه من أهم الأهميات أو الأساسات لتقدم الصناعة. سأل المهندس عبدالله العبيكان سؤالا، ما هي المؤشرات أو الممكنات التي تحقق الاستدامة للصناعة السعودية؟ أعتقد أن هذا السؤال محوري، وكذلك الدكتور منصور ذكر تقنيات عديدة، كيف جاءَت تلك التقنيات؟ وما المحرك الأساس للصناعة في العالم؟ لو أخذنا تجربة كوريا الجنوبية، وتجربة اليابان، والتجارب في الغرب، ما المحرك الذي أوصل هذه الصناعة وجعل تلك الدول تنتج منتجات عالية الجودة وبتكلفة منخفضة، وكل سنة تقدم لنا منتجًا جديدا؟ ستذهبون غدا أو بعد غدا لشراء جهاز هاتف سام سونج أو آبل أو غيرهما، ما المحرك الأساس لاختيار هذه الأجهزة؟ في يوم من الأيام حاولت أن أتعرف على مقدار ما ننفقه نحن على البحث والتطوير في شركاتنا القائمة، فأخذت مائة وسبع وستين أو مائة وسبع وخمسين شركة خليجية رأسمالها أكثر من ٢٠ مليون دولار، وقلت دعني أرى كم تنفق على البحث والتطوير! وبعد زيارة كنا بها في اليابان، زرنا مركز شركة هيتاشي، سألتهم: كم تنفقون على البحث والتطوير؟ قالوا: ننفق نحو ٦٪ من حجم مبيعاتنا، ثم سألت: كم حجم مبيعاتكم؟ أجابوا بالمليارات!
نحن وجدنا أن صناعاتنا ليس عندها مراكز بحث، عندنا مركز بحث وتطوير في سابك، أسسه المهندس عبدالعزيز الزامل، رحمه الله، وهنا أقولها لإخواننا في وزارة الصناعة، شكرا لكم على جهودكم، ولكن إن كنتم تريدون صناعة مستمرة متطورة في المملكة العربية السعودية، يجب أن نخصص بحدود ٢٪ إلى ٣٪ من الناتج المحلي للبحث والتطوير في كل صناعاتنا القائمة.
ثانيا: الميزة النسبية، لقد حققنا في صناعتنا في الجبيل، وقد عددها لنا الدكتور هيرتزوغ، ما الذي جعل صناعتنا تقوم وجعل لها وجودا؟ في الحقيقة، إنها الطاقة الرخيصة، لقد كانت الطاقة الرخيصة هي مدخلنا للصناعة، فكانت هي المدخل الأساس، فلا داعي لأن نقتل الدجاجة التي تبيض لنا بيضة من ذهب ونرفع التكلفة.
د. رجا المرزوقي
ذكر المتحدثون مبادرات وقضايا مهمة على مستوى الاقتصاد الجزئي. فعلى المستوى القطاعي، غالب المبادرات رائعة، ولكنني أتوقع أن لدينا إشكالية، وأود أن أسمع رأيهم حولها في التنافسية. كيف أستطيع أن أخفض التكلفة، مقابل دول العالم الأخرى، الذي تحدثتم عنها في المبادرات، في الجانب الاقتصادي الكلي خاصة في الدول النفطية تحدث صدمات للاقتصاد تؤثر على سعر الصرف الحقيقي، وعلى العلاقة بين القطاع النفطي، والقطاع العقاري وغير العقاري، ويؤثر ذلك على التكاليف الحقيقية والتنافسية؛ والنقطة الثانية المهمة الإنتاجية، وذلك حتى نحسن الإنتاجية عندنا البحث والتطوير، وكذلك جزء من تأثير الإنتاجية والذي يرفع الإنتاجية وهذا جزء من التنافسية، وأداء القطاعات الحكومية مهم جدا، ولكن ربما تكون السياسات الحكومية تعرقل الإنتاجية أكثر مما تخدمها.
مدير الندوة: أنتقل بالسؤال للبروفيسور هيرتوغ. إن كان لكم تعليق بشأن كيف يمكننا أن نتعامل مع شيئين اثنين، هما: التنافسية في الأسواق العالمية، والإنتاجية في القطاع الصناعي السعودي والموظف السعودي في القطاع للاستمرارية على المستوى العالمي؟
د. ستيفن هيرتوغ
بالنسبة لموضوع الإنتاجية، كان هناك انخفاض في الإنتاجية شهدناه لعقود، وكان السبب هو وجود محفزات حكومية، أدت ربما إلى قلة اهتمام المواطنين السعوديين بصفة معينة في القطاع الخاص، أو في اكتساب المهارات التي تدفعهم إلى القطاع الخاص، وكذلك النقطة الأخرى بسبب وجود وفرة كبيرة في المنطقة الإقليمية بما يتعلق بالعمالة منخفضة التكاليف، والتي أثرت في هذا الجانب أيضا؛ لذلك، فالشيء المهم الذي يجب أن نركز عليه إذا أردنا زيادة الإنتاجية، وزيادة الاستثمار في مجال التقنيات المتقدمة، يجب أن يكون هنالك إعادة دراسة لتكلفة الإنتاج. وكذلك بناء على هذا الأمر ستتاح الفرصة للمواطنين السعوديين لأن يقوموا باختيار نوع التدريب المناسب لهم لينضموا إلى القطاع الخاص، على سبيل المثال بإمكانهم اختيار التدريب الأكاديمي أو المهني، ولكن يجب أن تتوافر لهم المحفزات والإشارات التي تدفعهم إلى اختيار العمل في القطاع الخاص، والتركيز كذلك على المجالات عالية التقنية. الوضع الآن تغير وبدأ الشباب السعودي يركز جيدا في اختيار نوع التعليم الذي سيكون مهما ومفيدا له ومساعدا له في سوق العمل، وأيضا أكثر من ذلك بدأوا يركزون في انتقاء الخبرات والمهارات، لتوفر لهم التدريب، ليحصلوا على المهارات التي تكون مناسبة للعمل في القطاع الخاص.
المهندس البدر فودة
لقد جاءت رؤية ٢٠٣٠. لتعمل على تنويع مصادر الدخل، وألا يكون الاقتصاد كله مرهونا بمنتج واحد أمام أي أزمة عالمية تحصل أو تغير في الأسعار وغير ذلك. أتوقع أن الرؤية في كل برامجها، هي للإجابة عن هذا السؤال إذا كنت فهمت السؤال بالشكل الصحيح.
أما بالنسبة للتنافسية والإنتاجية، فالسوق السعودية اليوم ليست سوقا مغلقة، بل هي منفتحة جدا، وفيها كل أنواع المنتجات، ونحاول أن تكون سوقا تتسم بعدالة المنافسة، وإنني إذا كنت أنتج منتجا بمستوى جودة مرتفعة، يجب أن أضمن أن المنتج الرديء لن يدخل المملكة وينافس المنتجات المحلية. صحيح أن الأجور المنخفضة يترتب عليها إنتاجية منخفضة، ولكي ترتفع الجودة، ويرتفع السعر، ويكون السعر منافسا، نحتاج أيضا أن تكون السوق محكومة بشكل قوي من ناحية عدالة المنافسة، وتضطر لعمل المعادلة الصعبة والتي هي جودة وسعر جيد. يمكن أن تكون بعض قطاعات الصناعة خلال الفترة الماضية قد ركزت على السعر دون الجودة، ولكن هناك شركات وطنية أخرى أخذت منحى آخر. مثلا شركة المراعي اليوم وغيرها من الشركات الوطنية، حقيقة نثق في جودة منتجاتها، ويمكن هذه هي المعادلة الصعبة إذا حليناها، وعملنا منتجا جيدا بسعر جيد، سيولد وظيفة جيدة براتب ممتاز، ويمكن أن يأخذنا هذا إلى منافسة وإنتاجية أفضل.